من هو ذو القرنين؟

تخبّط الناس في شخص ذي القرنين، من يكون؟ وممّن يكون؟ ومن أي بلد هو؟ والسبب في ذلك، أن القرآن الكريم لم يعطي تفاصيل دقيقة عنه؟ كل ما ذكره القرآن عنه، هي معلومات مقتضبة جدّاً. ولم يرد في الأحاديث النبويّة الصحيحة شيئاً عنه.

فذهب طائفة إلى أن ذي القرنين، هو الملك الأكادي نارام سين، لأنهم عثروا على نقش حجري، يصوّر الملك الأكادي، وهو يرتدي تاجاً له قرنين.

وذهب طائفة أخرى، إلى أن ذي القرنين هو الملك قورش ملك فارس، بحجة أنهم وجدوا نقشاً حجريّاً لقورش وهو يلبس تاجاً له قرنين!

وذهب طائفة إلى أن ذي القرنين، هو الكسندر المقدوني، أحد أباطرة الرومان القدماء، ورواة العرب يسمونه: الإسكندر ، لأنهم ينقلون عن مؤرخي اليونان، أنه باني مدينة الإسكندرية، فلمّا رأوا أن اسمه لا يتوافق مع اسم المدينة، حرّفوا اسمه لذلك.

واعتضد القائلون بأن الكسندر هو ذو القرنين، بأن الكسندر المقدوني سار بجيشه من مقدونيا حتى بلغ حدود الصين، ولكن الكسندر، قطع ذلك في عشر سنوات.

وبسبب هذا التشابه الجزئي البسيط، زعموا أن الكسندر هو ذو القرنين!

بل زعموا أنهم عثروا على عُمُلات نقديّة، سُكَّت في زمن الكسندر المقدوني، ظهرت فيها صورته وبدا أن في رأسه قرناً، فزعموا أن هذا شاهد أخر على أنه ذو القرنين، وأنه لقّب بذلك لوجود قرنين في رأسه! والحقيقة أني نظرت إلى تلك العُمُلات، فتبيّن لي، أن ما يزعمون أنه قرن لم يكن قرناً، بل كان مجرد خصلة شعر ظهرت من مقدّم رأسه، فالقرون لا تخرج من مقدمة الرأس، بل من قُلّة الرأس، وهي أعلى نقطة فيها، فالقوم كل ما وجدوا نقشاً لصورة أحد الملوك المتقدمين، يرتدي تاجاً له قرنين، زعموا أنه ذو القرنين!

ولكن كما ذكرت سابقاً، فإن دعوى أن ذي القرنين لًقِّب بذلك لأنه كان يلبس تاجاً له قرنين، إنما هو ادعاء قائم على هذا النقوش، وهو قول لا يمكن القطع به.

وهذا قول باطل، فالكسندر المقدوني، عرف عنه أنه كان رجلاً كافراً، فضلاً عن أن يُعرف بصلاح أو تقوى، ويقال أنه كان تلميذاً للفيلسوف الوثني الملحد أرسطوطاليس.

كما أنه لم يعرف بحسن السيرة والسلوك، حتى أن ضبّاط جيشه عدو عليه وقتلوه لما قفل من بلاد الصين.

ثم إن المؤرخين، يذكرون أن الكسندر قطع المسافة من بلاده وحتى حدود بلاد الصين في عشر سنين.

فأين الكسندر هذا، من ذي القرنين، الرجل الصالح، الذي طويت له الأرض، حتى بلغ مغاربها ومشارقها في وقت وجيز؟!

وبذلك نعلم، أن كل ما ذكره المتنطعون في محاولة معرفة شخصيّة ذي القرنين، عن شخصه باطل، بل هو كذب، وأن ذي القرنين لا أحد يعرف اسمه ونسبه وبلده إلّا الله عزّ وجل.