قال تعالى في سورة لقمان: (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ)
قوله: (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ) أي: العِلم والفطنة والفهم.
ولا يعرف على وجه التحديد هل كان لقمان نبياً أم رجلاً صالحاً، وإن كان الراجح أنه نبيّ، وإذا كان نبياً، فإلى أي أمة بعث؟ ولا يعرف عن نسبه أي شيء، كما لا يعرف متى عاش ذو القرنين، كل هذه المسائل صارت مجهولة، ولا يمكن معرفتها، إلّا أنه ومن خلال القرآن الكريم، يتبيّن لنا أن لقمان عليه السلام، كان رجلاً صالحاً تقياً ورعاً، وكان ملتزما بأوامر الله تعالى، مجتنبا لنواهيه، قدر استطاعته.
ولقمان اسم عربي، مشتق من اللَقْم، أي: أكل اللقمة، واللقمة، هي ملء الفم من الطعام.
وقوله: (وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ) أي: من رجع إليّ، بمعنى: تاب إلى الله.
وقوله: (يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) يريد أن يبيّن سعة علم الله تعالى، وأنه لا يعزب عن علمه شيء.
وقوله: (وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ) أي: اصبر على ما يصيبك من الأذى في سبيل الله تعالى.
وقوله: (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ) أي: لا تصد بوجهك عن الناس تكبّراً وتجبّراً عليهم.
وقوله: (وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا) أي: المرح الذي يدعو إلى الكِبر والغرور والتعالي على الناس.
وقوله: ( وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ) أي: امش مشياً ليس بالسريع ولا بالبطيء، أي: امش بتؤدة وأناة، مشياً فيه سكينة ووقار.
وقوله: ( وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ) أي: لا تجعله عالياً جدّاً بل اجعله هادئاً.
وقوله: (إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) شبّه الصوت المرتفع، بصوت الحمار عندما ينهق.