سيرة ذا الكفل عليه السلام

قال تعالى في سورة الأنبياء: (وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ)

وقال تعالى في سورة ص: (وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنْ الأَخْيَارِ)

ولم يخبرنا ربنا تبارك وتعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم شيئاً عن سيرته، سوى أنه نبي من أنبياء الله تعالى، بعثه الله لقومه، ولاقى ما لاقى غيره من الأنبياء من أقوامهم من العنت والإعراض والأذيّة، وأنه صبر كما صبر غيره من الأنبياء.

وأما ما رواه الترمذي في جامعه من أن ذا الكفل كان رجلاً فاسقاً، وأنه تاب في أخر حياته، فأصبح ميّتاً، فهذا خبر بيّن الوضع، واضح البطلان، وإن حسّن الترمذي إسناده، لسببين:

الأول: أن ذا الكفل معدود في القرآن في زمرة الأنبياء، ودل هذا على أنه نبي، والأنبياء يُصطَفون منذ ولادتهم، ومنزهون عن كبائر الذنوب.

والثاني: أن الله ذكره في معرض من لحقه الأذى، وصبر عليه، لله تعالى، ووصفه الله أنه كان من الأخيار، وما ورد في الحديث لا يشير إلى شيء مما ورد في القرآن، حيث يشير إلى أنه كان فاجراً إلى أن دنا أجله، فلم يكن بين توبته ووفاته سوى ساعات قلائل!

بل إن ما وقع من ذي الكفل، يقع عادة من كثير من الناس، فلماذا خُصّ ذا الكفل بهذا الإطراء دون سائر الخلق!

وإنما أثنى الله تعالى على ذي الكفل لصبره وصلاحه، والمذكور في الحديث لم يعرف بصلاح ولا صبر، بل إنه مات حسب زعم الراوي في ليلته التي تاب فيها، فأي صبر أو صلاح كان عليه حتى يستحق المدح، ويقارن صبره وصلاحه بصبر وصلاح أنبياء الله تعالى، هذا محال!

وذا الكفل لقب، والِكفل - بكسر الكاف - في لغة العرب هو الحمل، وذو اسم من الأسماء الخمسة، وتأتي بمعنى: صاحب، أي: صاحب الحِمل.