ولم يذكر الله تعالى في القرآن الكريم سوى
ابنين لإبراهيم، هما: إسماعيل وإسحاق، قال تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ
لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ۚ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ)
[إبراهيم] إلّا أن أهل الكتاب، يزعمون أن سارة عليها السلام، توفّيت قبل زوجها إبراهيم،
فتسرّى بعد وفاتها بجارية تدعى: قطورة، فأنجبت له ستة أبناء.
جاء في تاريخ اليهود ما نصّه: "وَمَاتَتْ
سَارَةُ فِي قَرْيَةِ أَرْبَعَ، ٱلَّتِي هِيَ حَبْرُونُ، فِي أَرْضِ كَنْعَانَ .. وَعَادَ
إِبْرَاهِيمُ فَأَخَذَ زَوْجَةً ٱسْمُهَا قَطُورَةُ، فَوَلَدَتْ لَهُ: زِمْرَانَ وَيَقْشَانَ
وَمَدَانَ وَمِدْيَانَ وَيِشْبَاقَ وَشُوحًا. وَوَلَدَ يَقْشَانُ: شَبَا وَدَدَانَ.
وَكَانَ بَنُو دَدَانَ: أَشُّورِيمَ وَلَطُوشِيمَ وَلَأُمِّيمَ. وَبَنُو مِدْيَانَ:
عَيْفَةُ وَعِفْرُ وَحَنُوكُ وَأَبِيدَاعُ وَأَلْدَعَةُ. جَمِيعُ هَؤُلَاءِ بَنُو قَطُورَةَ".
اهـ
قلت: وهذه الأسماء كما يظهر محرّفة في العِبريَّة
عن لفظها العربيّ، ولا يمكننا معرفة لفظها العربيّ الصحيح، إلا بالظن والتخمين،
حاشا مديان، والتي ورد ذكر لفظ اسمها الصحيح في القرآن، وهو: مدين..
فزَمْرَان، يظهر أنه لفظة صحيحة، وأنه
مشتق من: زَمِر. والزَمِر، معناه: القليل. والألف والنون للمبالغة في الوصف.
ويقشان، قد تكون اللفظة الصحيحة، هي:
وقشان، اشتق له اسم من الوقش، والوقش عند العرب، نوعٌ من المشي.
ومَدَان، قد يكون الاسم مشتق من: دان. أي:
قرُب. وقد تكون اللفظة الصحيحة للاسم: مُدَان، بضم الميم، فيكون مشتقاً من
الدينونة، وهي المحاسبة.
ويشباق، قد تكون اللفظة الصحيحة للاسم:
يسبق، بإبدال الشين سيناً، وحذف الألف بالفتحة. ويكون الاسم مشتقاص من السبق.
وشوحا، قد تكون اللفظة الصحيحة للاسم:
وشّاح، فقدم الراوي في الأحرف وأخّر، اشتق من التوشُّح، وهو: الارتداء، او
التغطية، وقد تكون اللفظ الصحيحة هي: شوّاح، أو شائح، من الإشاحة، وهي المجانبة.
ومديان، هم قبيلة مدين، قوم نبي الله شعيب
عليه السلام.
وبناء على ما ورد في كتب اليهود، فما ورد
في كتاب الله تعالى، من الاقتصار على ذكر إسماعيل وإسحاق، له تأويلان:
الأول: أن ما ورد في كتب أهل الكتاب كذب،
وأنه ليس لإبراهيم سوى إسماعيل وإسحاق. وأن مدين، إمّا أن يكونوا من ولد عيسى بن إسحاق،
أو من ولد إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام.
والثاني: أن الله اقتصر في كتابه على ذكر إسماعيل وإسحاق، تنويها بذكرهما، لما أكرمهما الله تعالى به من النبوة.