سيرة موسى عليه السلام - أفضال الله على بني إسرائيل

 قال تعالى في سورة البقرة: (وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)

وقوله: (وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ) أي: أرسل عليهم السحاب، تظللهم من حرّ الشمس.

وقوله: (الْمَنَّ وَالسَّلْوَى) وهما نوعان من الطعام، لم يكن لبني إسرائيل طعام غيره، وكان من أفضل الطعام وألذِّه، وكانوا يحصلون عليه بغير كبير مشقّة.

وقوله: (وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) أي: لم يظلموا الله تعالى بمخالفتهم لأمره، وإنما ظلموا أنفسهم، لأنهم هم الخاسرون.

وقال تعالى في سورة البقرة: (وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ)

وقوله: (وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ) كانت هذه الحادثة على الأرجح، بعد دخولهم في التيه.

وقوله: (اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ) أي: إضرب بعصاك حجراً من أحجار الجبل.

وقوله: (فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا) أي: فجّر الله تعالى لهم من الجبل، اثنتي عشرة عين ماء، على عدد أسباط بني إسرائيل.

وقوله: (قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ) أي: لكل سِبط عينٌ يشربون منها، لا يشاركهم فيها غيرهم، ولم تكن هذه العيون بجانب بعض، بل كانت متباعدة كي لا يقع الزحام.

وقوله: (وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ) أي: بمعصيتكم لله ورسوله.

وقال تعالى في سورة البقرة: (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاؤُواْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ) 

قوله: (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى) .. الآية. قالوا ذلك على الأرجح بعد دخولهم للتيه، وبعد أن منّ الله تعالى عليهم بالمنّ والسلوى، طعام يأتيهم بلا مشقة ولا عناء.

وقوله: (قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ) أي: أتستبدلون فاضل الطعام بالمفضول منه! وفيه دليل على أن المنّ والسلوى، كان خيراً من البقل والقثّاء والفوم والعدس والبصل.

وقوله: (اهْبِطُواْ مِصْراً) أي: عودوا إلى مصر، حيث العبودية والذلّ والمهانة، لتجدوا ما طلبتم، جزاء كفركم لنعمة الله تعالى.

وقوله: (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ) أي: جعلهم الله في ذُلّ، وجعلهم مساكين، جزاء إعراضهم عن طلب العز والكرامة.

وقوله: (وَبَاؤُواْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ) وهذه الآية موجهة لسائر بني إسرائيل، في جميع الأزمان.

وقوله: (يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ) أي: لا يحرمون ما حرّم الله، ولا يقومون بما افترضه الله.

وقوله: (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ) أي: أنهم قتلوا بعض النبيّين، لأنهم كانوا ينهونهم عمّا هم فيه من الفساد.

وقوله: (يَعْتَدُونَ) أي: يتجاوزون الحدّ في معصية الله تعالى.

وقال تعالى في سورة البقرة: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ)

وقوله: (وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ) يخبرنا الله تعالى هنا، أنه أمر موسى، أن يأمر بني إسرائيل، بأن يعملوا بما أتاهم في التوراة، ولكنهم أبو وأعرضوا، فرفع الله تعالى الطور من مكانه، حتى جاء فوقهم، يهددهم بأن لم يقبلوا بأحكام التوراة فسوف يوقعهم عليهم، فقبلوا راغمين.

وقوله: (ثُمَّ تَوَلَّيْتُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ) أي: من بعد موت موسى وهارون ويوشع بن نون، حيث عادت أجيالهم إلى المعاصي والفسوق.

وقوله: (فَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ) أي: بصبره عليكم، وحلمه عنكم، وما أرسله إليكم من الرُسُل، وما بيّن لكم من طرق الهداية.

 وقال تعالى في سورة الأعراف: (وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ).