خلق حوّاء عليها السلام

ثم خلقت حوّاء، زوج آدم عليهما السلام، خلقها الله عز وجل لتكون له سكناً، وتنجب له ذُرِّيّته.

واشتق اسم حوّاء عليها السلام من التحوية، والحِواء، هو كل شيء استخدم لاحتواء الأشياء، من أرض أو وعاء، ثم توسّع العرب فيه حتى أطلقوه على كل شيء واسع، وربما سمّى الله تعالى حواء بهذا الاسم، لأنها حوت بني آدم، فهي أمهم جميعاً.

قال تعالى في سورة النساء: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)

وقوله تعالى: (وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا) دليل على أن حوَّاء عليها السلام خلقت من آدم عليه السلام.

وقال تعالى في سورة الأعراف: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ)

وقال تعالى في سورة الزمر: (خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ)

وقوله تعالى في الآيتين: (جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا) جعل هنا بمعنى خلق.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استوصوا بالنساء، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء".

رواه البخاري.

وهذا يؤكد ما جاء في تاريخ اليهود، ما نصه: "فأوقع الرب الاله سباتاً على آدم فنام، فأخذ واحدة من أضلاعه وملأ مكانها لحما، وبنى الرب الاله الضلع التي أخذها من آدم امرأة، وأحضرها إلى آدم، فقال آدم: هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي، هذه تدعى امرأة؛ لأنها من امرئ أخذت .. ودعا آدم اسم امرأته حواء؛ لأنها أمّ كل حيّ".

أي: أمّ كل حيّ من ولده.

فتبيّن مما سبق، أن الله تعالى جعل آدم ينام، وأخذ ضلعاً من أضلاعه، ولأم مكان الضلع لحماً، وخلق من الضلع حواء عليها السلام، وكساها من ثياب الجنّة، فلما أفاق آدم عليه السلام وجدها قاعدة عند رأسه، ولم يكن عليه السلام في حاجة لمن يخبره ما هي، ومن هي، لما ألهمه الله عز وجل من العلم والمعرفة.