عن أبي موسى الأشعري، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن الله تعالى: "حجابه النور - وفي رواية: النار - لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه".
رواه مسلم.
والصواب، أن حجاب الله من نار، لقوله تعالى في سورة النمل: (فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
وقوله: (مَن فِي النَّارِ) يعني نفسه سبحانه وتعالى، لأن النار حجابه، وهو كان في وسط تلك النار، فبارك نفسه عز وجل.
عن عبدالله بن عباس، قال: "يعني نفسه؛ قال: كان نور ربّ العالمين في الشجرة".
وعن عبدالله بن عباس قال: "الله في النور، ونودي من النور".
وقوله: "ونودي من النور" أي: موسى، ناداه الله من النور.
وعن سعيد بن جُبير، قال: "ناداه وهو في النار".
وعن سعيد بن جبير قال: "الله".
أي: أن الله هو الذي كان في النار.
وعن الحسن البصري، قال: "هو النور".
وعن قتادة بن دعامة، قال: "نور الله بورك".
وعن محمد بن كعب، قال: "نور الرحمن، والنور هو الله".
وعن عكرمة قال: "كان الله في نوره".
وعن أبي صخر قال: "كان نور الله عز وجل، وهو الذي كان في ذلك النور، وإنما كان ذلك النور منه، وموسى حوله".
وقوله: (وَمَنْ حَوْلَهَا) أي: موسى والملائكة.
عن عبدالله بن عباس قال: "يعني الملائكة".
وعن الحسن البصري وعكرمة وسعيد بن جبير وقتادة، مثله.
وعن محمد بن كعب قال: "موسى النبيّ والملائكة".
رواه الطبري وابن أبي حاتم.
فأثبت في الخبر أن لله تعالى حجاباً يحجب ذاته عن خلقه، وأن هذا الحجاب مخلوق من نار، وفيه دلالة أن من خلق الله من يحدّ الله تعالى بإذنه سبحانه.
ولا أدري متى خلق الله حجابه من النار، ومتى احتجب به، إلا أنه محتجب به الآن.
وعبدالله بن عباس صحابي جليل.
وسعيد بن جبير والحسن البصري وقتادة بن دعامة ومحمد بن كعب، وعكرمة مولى عبدالله بن عباس، من التابعين، ومن أئمة الإسلام المرضيّين.