قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "جاء ملك الموت إلى موسى فقال له: أجب ربك. قال: فلطم موسى عين ملك الموت ففقأها، قال: فرجع الملك إلى الله تعالى فقال: إنك أرسلتني إلى عبد لك لا يريد الموت وقد فقأ عيني! قال: فرد الله إليه عينه وقال: ارجع إلى عبدي فقل: الحياة تريد؟ فإن كنت تريد الحياة، فضع يدك على متن ثور، فما توارت يدك من شعرة، فإنك تعيش بها سنة. قال: ثم مه؟ قال: ثم تموت. قال: فالآن من قريب، رب أمتني من الأرض المقدسة رمية بحجر". قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والله لو أني عنده لأريتكم قبره إلى جانب الطريق، عند الكثيب الأحمر".
رواه البخاري ومسلم.
قلت: قبر موسى لم يعرفه سوى النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه شاهد موسى قائماُ يصلّي في قبره، ليلة أُسري به إلى المسجد الأقصى، ولا يعرفه أحدٌ بعده، وأما القبر المنسوب إلى موسى عليه السلام بأريحا، والواقعة شمال شرق مدينة القُدس، فهو قبرٌ مكذوب، لا حقيقة له.
وقد أخذ واضعوا القبر، الادعاء بأن قبر موسى في منطقة أريحا، من كُتُب اليهود، فقد جاء في سفر التثنية، الإصحاح الرابع والثلاثين، ما نصّه: "وَصَعِدَ مُوسَى مِنْ عَرَبَاتِ مُوآبَ إِلَى جَبَلِ نَبُو، إِلَى رَأْسِ الْفِسْجَةِ الَّذِي قُبَالَةَ أَرِيحَا، فَأَرَاهُ الرَّبُّ جَمِيعَ الأَرْضِ مِنْ جِلْعَادَ إِلَى دَانَ، وَجَمِيعَ نَفْتَالِي وَأَرْضَ أَفْرَايِمَ وَمَنَسَّى، وَجَمِيعَ أَرْضِ يَهُوذَا إِلَى الْبَحْرِ الْغَرْبِيِّ، وَالْجَنُوبَ وَالدَّائِرَةَ بُقْعَةَ أَرِيحَا مَدِينَةِ النَّخْلِ، إِلَى صُوغَرَ وَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «هذِهِ هِيَ الأَرْضُ الَّتِي أَقْسَمْتُ لإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ قَائِلاً: لِنَسْلِكَ أُعْطِيهَا. قَدْ أَرَيْتُكَ إِيَّاهَا بِعَيْنَيْكَ، وَلكِنَّكَ إِلَى هُنَاكَ لاَ تَعْبُرُ». فَمَاتَ هُنَاكَ مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ فِي أَرْضِ مُوآبَ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ" اهـ
ولكن رواة اليهود قالوا: "وَدَفَنَهُ فِي الْجِوَاءِ فِي أَرْضِ مُوآبَ، مُقَابِلَ بَيْتِ فَغُورَ. وَلَمْ يَعْرِفْ إِنْسَانٌ قَبْرَهُ إِلَى هذَا الْيَوْمِ" اهـ
فإذا كان اليهود أنفسهم لا يعرفون أين يقع قبر موسى، فكيف عرف أولئك موقعه بالتحديد؟!
ولا أدل على كذب هذا القبر، وأنه ليس لنبي الله موسى عليه السلام، من أن أريحا، ليست على طريق المسافرين من الحجاز إلى القُدس، لأنها تقع شمال شرق القدس، وهذا يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يمرّ بأريحا عند ذهابه أو إيابه من القُدس، مما يعني، أن القول بأن أريحا هي الموضع الذي دُفِن فيه موسى، بعيدٌ كلّ البُعد عن الحقيقة.