خبر قوم تُبَّع

قال تعالى في سورة الدخان: (أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ أَهْلَكْنَاهُمْ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ)

وقال تعالى في سورة ق: (وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ ۚ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ)

قوله: (قَوْمُ تُبَّعٍ) أي: قبيلة تُبَّع، وعشيرته ورهطه.

وتبَّع اسم رجل، وقد زعم بعض قّصَّاص اليمن، أن تًبَّع من اليمن، وأن تُبَّع لقب له، وليس اسماً، ثم زعموا أن تُبَّع لقب لملوك حِمْيَر، حتى صاروا يلقّبون كل ملكٍ حميري: تًبَّع.

والحقيقة أن كتب النقوش الحجريّة التي عًثِر عليها في اليمن، لا تشير إلى شيء من ذلك، بل الذي عُثِر عليه في النقوش الحجريّة اليمنيّة، وكتب التاريخ، أن ملوك حمير، كانوا يلقّبون بالملوك. 

وكل ما عُثِر عليه، هو اسم أهل بيت يقال لهم: بنو بتع - وليس تُبَّع - وهي أسرة ذات حكم قبلي، نشأ في منطقة حاشد، إحدى قبائل همدان الكبيرة. فالأسرة البتعيّة، أسرة همدانية، وليست حميريّة، ثم إن هناك فارق بين الاسمين كبير في المعنى، وإن كان قريباً في الرسم.

ويظهر أن هذه الدعوى، لم تظهر إلّا بعد انتشار الإسلام، وكثرة ما أُدخِل في القَصَص القرآني من الأكاذيب، حتى راج ذلك بين الناس، ونقله المؤرخون والكُتَّاب.

وقد كثر الكذب في القّصّص الديني من قِبَل بعض ضِعاف النفوس من الحميرين خصوصاً، حسداً ونفاسة، فقد كان للحميريّين مُلْكٌ عريض باليمن، أزاله الإسلام، وجعل الشرف لقبيلة قريش، إذ أخرج النبي صلى الله عليه وسلّم منهم، فأرادوا أن يجعلوا لهم نصيباً من ذلك الشرف، فادعوا أن تًبَّع منهم، بل اختلقوا أنبياء لا وجود لهم في الحقيقة إلّا في الأساطير الحِميريّة، مثل النبي صفوان، والنبي شعيب بن ذي مهدم، وغيرهم! 

والحقيقة، أن تُبَّع لا يُدرى من أي شعبٍ هو، ولا من أي أرضٍ هو، بل لا يدرى هل هو نبيٌّ أم لا، وإن كان الراجح أنه نبيّ، ولكن الله تعالى ذكره وقومه في معرض الأمم التي كذبت رُسُلها، وعاقبها الله تعالى في الدنيا قبل الأخرة.