حال الرهط الذين آمنوا مع إبراهيم عليه السلام

ولا شك أن من آمن مع إبراهيم من قومه، كانوا رفقاءه في الهجرة، حيث صاروا قبيلا من البادية، فلما توفي إبراهيم عليه السلام، تزعَّم ابنه إسحاق تلك الطائفة المؤمنة، فلما توفي إسحاق تزعمهم ابنه يعقوب، حتى انتقل يعقوب وبنيه إلى مصر، وأيضا لا بُدّ أن لهؤلاء المؤمنين ذريّة، فقد ورد في تاريخ النصارى، في كتاب أعمال الرسل، ما يفيد ذلك، حيث ورد فيه ما نصه: "فَأَرْسَلَ يُوسُفُ وَاسْتَدْعَى أَبَاهُ يَعْقُوبَ وَجَمِيعَ عَشِيرَتِهِ، خَمْسَةً وَسَبْعِينَ نَفْسًا" اهـ فنجد أن رواة النصارى يذكرون أن يعقوب لم يكن لوحده عندما انتقل إلى مصر، بل كان معه خمسة وسبعون نفسا، مما يؤكد أن إبراهيم عندما انتقل إلى صحراء النقب، وما جاورها، لم يكن لوحده، بل كان معه أفراد من قبيلته، آمنوا به، وصدقوا برسالته، إذا يستحيل أن يقيم إبراهيم لوحده في البادية، في بيئة يتخطف الناس فيها بعضهم بعضا، ما لم يكن له عشيرة يستند إليها ويحتمي بها بعد الله عز وجل.

وأما أعقابهم، فقد انقطع خبرهم، وتلاشى ذكرهم، إلا أنني أرجح أن بعضهم ذهب مع عيسى وولده إلى سعير، وربما بعضهم رافق يعقوب وبنيه إلى مصر، بينما تفرق البقية في البلاد.

وكما أن آثار النبوة انمحت من ولد إسماعيل وإسحاق فيما بعد، فقد انمحت آثار النبوة من ولد النفر الذين هاجروا مع إبراهيم عليه السلام، ولحقوا بالقبائل الوثنية، وكما أنه لم يعد هناك وجود لذرية عيسى بن إسحاق، ولحقوا بالأمم البائدة، فكذلك أصاب ذراري النفر الذين آمنوا مع إبراهيم، حيث درجت أعقابهم، وانقطعت أخبارهم.