خبر قبيلة سبأ

قال تعالى في سورة سبأ: (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ ۖ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ ۖ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ۚ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا ۖ وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ ۖ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ)

قوله: (آيّةٌ) أي: عِبرة وعِظة.

وقوله: (جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ) أي: عن يمين واديهم وشماله، مليئة بالخيرات.

وقوله: (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ) والعَرِم اسم واديهم.

عن قتادة والضحاك، أن العِرِم، وادٍ تجتمع إليه مسايل من أودية شتى، فعمدوا فسدوا ما بين الجبلين بالصخر والقار، وجعلوا عليه أبوابا، وكانوا يأخذون من مائه ما احتاجوا إليه، ويسدون عنهم ما لم يعنوا به من مائه شيئا، فانسد زمانا من الدهر، لا يخافون الماء.

رواه الطبري.

وعن قتادة والضحاك، أن الله تعالى سلّط جرذاً يقال له الخُلد، يحفر في أساسه، حتى زعزع بنيانه، فاقتلع الماء ذلك السدّ، واقتلك جنان سبأ.

رواه الطبري.

ويظهر أن قتادة والضحاك، نقلا ذلك من قصاص اليمن، أو عمّن أخذ عنهم، وأما الباحثون، فقرّروا أنه قد يكون سبب انهيار السد، زلزال قويّ تسبب في زعزعت أساسات السد، مما تسبب في انهياره.

وقوله تعالى: (وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ)

عن عبدالله بن عباس قال: أبدلهم الله مكان جنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط، والخمط: الأراك.

رواه الطبري.

وقوله: (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً) أي: جعلنا بين قريتهم وبين القرى الكبيرة في اليمن، قرى صغيرة ظاهرة، فلا يحتاجون إلى حمل الزاد، ولا يخافون من قطّاع الطريق والسُرَّاق.

وقوله: (فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا) أي: سألوا من الله تعالى أن يجعل بينهم وبين القرى الكبيرة، مفاوز يحتاجون فيها إلى حمل الزاد والسلاح، لأنهم ملّوا حياة الترف والأمن.

وقوله: (فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ) أي: أحاديث للناس، يتحدثون عمّا أصابهم من الويل والدمار.

وقوله: (وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ) أي: فرّقهم الله تعالى في قبائل اليمن، بعد أن انهار السدّ عليهم، ودمر بلادهم.

 ويظهر من خلال النقوش الحجرية، التي عثر عليها في اليمن، أن انهيار سدّ مأرب، وقع في وقت متأخر جداً، إذا أنه وحسب تلك النقوش الحجرية، انهار بعد مولد النبي صلى الله عليه وسلم بمدّة طويلة.

ويرى عالم الآثار الألماني أدولف جروهمان، في كتابه التاريخ الثقافي للشرق القديم، أنه من خلال المعطيات الآثارية التاريخية، التي عُثِر عليها في تلك المنطقة، أن السد تعرّض لعدة تصدعات ولكن نهايته كانت في سَنَة خمس وسبعين وخمسمائة، بعد ميلاد النبي عيسى عليه السلام.

فإذا علمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث في شهور سنة عشرٍ وستمائة بعد الميلاد، تبيّن لنا أنه ليس بين انهيار السد وبين بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، سوى قرابة خمسٍ وثلاثين عاما فقط.

وهذا يعني أن السدّ انهار وعُمر النبي صلى الله عليه وسلم خمس سنوات.

وبهذا نعلم أن جميع الأخبار المروية في انهيار سد مأرب، ليست سوى أخبار موضوعة، وضعها القصّاص. 


بيان حقيقة الكتب التي تدعى التوراة والإنجيل

بما أن يحيى وزكريا أدركا عيسى عليه السلام، فهذا يدل دلالة قطعية، على أن توراة موسى كانت محفوظة إلى ذلك الوقت، بنصّها الذي أنزله الله تعالى، بل إن الأدلة الشرعية، تفيد بأن نصّ التوراة والإنجيل، كان محفوظاً إلى زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم. 

وهذا ما أشار إليه القرآن في قوله تعالى في سورة الأعراف: (ٱلَّذِینَ یَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِیَّ ٱلْأُمِّیَّ ٱلَّذِی یَجِدُونَهُۥ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِی ٱلتَّوْرَىٰةِ وَٱلْإِنجِیلِ) وقوله تعالى في سورة الصف: (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ) وهذا يعني، أن التوراة والإنجيل التي كانت بحوزة أحبار اليهود ورهبان النصارى، كانت متضمِّنَة البشارة بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يعني، أن التوراة والإنجيل، كانت محفوظة إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم عند أحبار اليهود ورهبان النصارى، ولذلك احتج الله تبارك وتعالى عليهم، بما ورد فيهما، من البِشَارة بمبعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم. 

ولكن النسخ الأصليّة منها فقدت تماماً بعد زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، بمعنى أن الله تعالى رفعها، وسلَّط عليها ما يتلفها ويمحوها. 

وذلك أن أهل البدع من اليهود والنصارى، استبدلوا التوراة والإنجيل بكتب يضعونها، يحرّفون فيها كلام الله تعالى وكلام أنبياءه: موسى وعيسى عليهما السلام، ظانين أن ما يقومون به عمل حسن، فأقبل تلامذتهم على نسخ تلك الكتب، وأعرضوا عن تجديد نسخ التوراة والإنجيل، ذلك أن علمائهم كانوا ينهونهم عن قراء التوراة والإنجيل، بزعمهم أن كتب الله المنزلة على أنبيائه لا يمكن فهمها إلا من خلال تفاسيرهم وشروحاتهم، حتى لم يتبقى منها سوى نسخ قلائل، وهذه النسخ، كانت محفوظة عند كبار أحبار اليهود، وكبار رهبان النصارى، إلى زمن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهي التي احتج الله تبارك وتعالى بما فيها على أحبار اليهود ورهبان النصارى، وبما أن هذه النسخ كانت قلائل، ولا أحد يهتم بنسخها، فقد اهترأت وتمزّقت، ولم يبقى سوى تلك الكتب التي ألفها أحبار اليهود ورهبان النصارى في تاريخ اليهود وسير أنبياء بني إسرائيل، مع ما اضافوه إلى تلك الكتب، من شرائع نقلوها عن التوراة والإنجيل، ممزوجة بشرائع أحدثوها من تلقاء أنفسهم، فلما فقدت التوراة والإنجيل، ظن علماء اليهود والنصارى مما لم يعلم بوجود تلك النسخ، أن هذه الكتب المحدثة، هي التوراة والإنجيل، وليست هي.

فأما الكتاب الذي يزعمون أنه التوراة، فقد ألف في أزمنة متفرّقة، حيث تشتمل أسفار الكتاب الذي يدعى اليوم بالتوراة، على سِتٍّ وأربعين سِفراً هي: سفر التكوين وسفر الخروج وسفر اللاويين وسفر العدد وسفر التثنية وسفر يشوع (يوشع) وسفر القضاة وسفر راعوث وسفر صموئيل الأول وسفر صموئيل الثاني وسفر الملوك الأول وسفر الملوك الثاني وسفر أخبار الأيام الأول وسفر أخبار الأيام الثاني وسفر عزرا وسفر نحميا وسفر طوبيا (طوبيت) وسفر أستير وسفر المكابيين الأول وسفر المكابيين الثاني وسفر أيوب وسفر المزامير وسفر الأمثال وسفر الجامعة وسفر نشيد الأنشاد وسفر الحكمة وسفر يشوع بن سيراخ وسفر إشعيا وسفر إرميا وسفر مراثي إرميا وسفر باروخ وسفر حزقيال وسفر دانيال وسفر هوشع (يوشع) وسفر يوئيل وسفر عاموس وسفر عوبديا وسفر يونان وسفر ميخا وسفر ناحوم وسفر حبقوق وسفر صفنيا وسفر حجي وسفر زكريا وسفر ملاخي.

فالأسفار الخمسة الأولى، كتبت بعد وفاة موسى عليه السلام، بدليل أنها ذكرت وفاة موسى عليه السلام، وهذا دليل كافٍ على أن هذه الأسفار، لا علاقة لها بتوراة موسى، وإنما هي كتاب تاريخي، إذ كيف يدوّن موسى واقعة موته؟! هذا لا يكون، إلا أن يكون كاتب هذه الأسفار، كان حيّاً بعد وفاة موسى.

وأما بقيَّة الأسفار، فكُتِبت في أزمنةٍ متفرِّقة، في كل زمن، يقوم رواة اليهود، بتدوين فترة زمنيَّة من تاريخهم، ويؤلفون بها سِفراً جديداً.

وكان أخر سِفرٍ تمّ تأليفه، هو سِفر أستير، وقد كتب في زمن الملك خشايارشا الأول، والذي قدر أنه تولى الحكم سنة خمس وثمانون وأربعمائة قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، وتوفي حدود سنة خمس وستين وأربعمائة قبل الميلاد، كون أسفار الكتاب المقدس، انتهى تقييدها في زمن خشايارشا، ولم يمت بعد. 

وأما سِفر المكابيين الأول والثاني، فقد كتب بعد ذلك بزمن طويل، حيث شرع في ذكر بداية حكم الأسرة المكابية لليهود، وانتهى عند خبر هزيمة يهوذا المكابي، لجيوش الدولة الرومانية، التي بعثها ملك الرومان ديميتريوس الأول بن سَلوقَس، والذي قدَّر أنه حكم بين عامي خمس وثمانين ومائة قبل ميلاد عيسى عليه السلام، وإلى سنة خمسين ومائة قبل الميلاد.

وبما أن الملك الفارسي خشايارشا توفي سنة خمس وستين وأربعمائة قبل الميلاد، بينما سفر المكابيين الأول والثاني، يغطي المدة التاريخية التقريبية، من خمس وسبعين ومائة قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، إلى سنة أربع وثلاثين ومائة قبل الميلاد، فهذا يعني أن هناك فجوة تاريخية كبيرة جداً، بين سفر أستير، وسفر المكابيين الأول والثاني، تقدر بثلاثمائة سنة وعشر سنوات، تعتبر فترة مجهولة في التاريخ اليهودي.

ويظهر أنه لم يأتي مؤرخ أخر، ليكمل تاريخ اليهود، بعد يهوذا المكابي، ويجعله سفراً من أسفار الكتاب الذي يدعى بالتوراة، إلا أن مؤرخ اليهود، يوسف بن غريون، قد أكمل هذا التاريخ إلى زمن بعثة النبي عيسى عليه السلام، وما بعده بيسير، ليقف التاريخ اليهودي هناك، لكن كتاباته لم تُعدّ سفراً من أسفار الكتاب الذي يدعونه التوراة. 

ثم إن طريقة تأليف هذا الكتاب، الذي يدعونه بالتوراة، شبيهة بدرجة كبيرة، بالطريقة التي تتم بها تأليف كتب التواريخ، حيث أن كتب التاريخ، تؤلف على ترتيب السنين، الأسبق فالأسبق.

وأما سيرة عيسى بن مريم عليهما السلام، والتي تقدم على أنها الأناجيل الخمسة: متى ومرقس ولوقا ويوحنا وبرنابا، فيظهر أنها دوّنت بعد وفاة عيسى بعقود طويلة، ونُسِبت إلى هؤلاء الخمسة من أصحاب عيسى زوراً وبهتاناً، ولا أدل على ذلك، من أن قصة ميلاد عيسى في جميع هذه الأسفار، مخالف تماماً لما ورد في القرآن الكريم.

وكتب الله تعالى المنزلة، ليست كتب تواريخ وسِيَر وأنساب، بل هي كُتُب مواعظ، ووعد ووعيد، وأوامر ونواهي، ولا تذكر من قصص الماضين، إلا ما فيه موعظة وعِبرة.

وهذه الكتب التي تُقدم على أنها التوراة والإنجيل، ليس كل ما فيها باطل وكذب، ولكن الأباطيل والأكاذيب فيها كثيرة جداً، لدرجة أنك تعاني وأنت تحاول أن تنتقي منها ما قد يكون صحيحا.

وأما الصابئة، فقد استبدلوا توراة موسى وإنجيل عيسى، بكتاب وضعه لهم كبارهم بالعراق، اسموه بالآراميَّة: الكِنْز رَبَّا، ومعناه بالعربيَّة: الكنز الرابي، أي: الكنز العظيم. وهذا الكتاب، يدّعي الصابئة أن الله تعالى أنزله على نبيِّه يحيى بن زكريّا عليهما السلام، وهذا قول باطل، لأن يحيى لم يُنزل عليه كتاب، بل كان يؤمر بالعمل بما في التوراة، ما لم ينزل شيء من الإنجيل، يخالف حكمه حكم التوراة فإنه مأمور في هذه الحالة، بأن يأخذ بما في الإنجيل، ويدع ما في التوراة. 

والدليل على أن الكنز رّبَّا ليس كتاباً سماوياً ولا أُنزل على يحيى، هو كثرة الأخطاء التاريخية فيه، بما يخصّ بدء الخلق ونشأة الكون، وزيادة على ذلك، فقد وردت فيه جملة، تفيد أن هذا الكتاب لم يُصنَّف إلا بعد انتقال الصابئة إلى العراق.

فقد ورد فيه ما نصّه: "يا آدم، لقد أرسلني إليك الحيّ العظيم، لتصعد حيث أبوك يقيم، أعول آدم وبكى، وناح وشكا، وقال للمخلص الذي أتى، يا أبتا، إن أتيت معك، فدنياي من سائسها؟ وزوجتي من يؤانسها؟ وأغراسي التي أنا غارسها من حارسها؟ من يمد إليهم يدا؟ ويكون لهم سندا؟ من يبذر البذور المباركات؟ من يحمل الماء من دجلة والفرات؟ من يعين التي تلِد؟ من يلاقي الذي يفد؟" اهـ

إن قوله: "من يحمل الماء من دجلة والفرات" يفيد أن كاتبه كان يعيش على شواطئ دجلة والفرات، بينما كان يحيى بن زكريا يعيش في القدس، وهذا ما نصّ عليه رواة اليهود والنصارى، والصابئة يوافقونهم على ذلك، حيث زعموا أنه كان يعمّد الناس في نهر الأردن، وقد كان بالقرب من بلاده من الأنهار العظيمة وهي: الأردن والعاصي، ما يغنيه بالإشارة إليهما عن أن يشير إلى نهري دجلة والفرات، اللذين قد يكون يحيى مات ولم يرهما، أو سوف يشير إلى نهري النيل والفرات، كونهما نهران مقدّسان في الإسلام.

والله أعلم وأحكم.

هل فرعون وقومه من العرب؟

الراجح أنه فرعون وقومه من العرب، وليسوا من القبط، يتّضح ذلك وبجلاء من اسم فرعون نفسه، واسم زوجته آسية بنت مزاحم، ووزيره هامان.

ففرعون مشتق من فرع، أي: طال وعلا. والواو والنون هنا زائدة، كقولنا في سعد، سعدون، وفي حفص، حفصون، ونحو ذلك. وهذا اسم عربي. وبما أن هذا هو معنى اسم فرعون، فهذا دليل أخر على أنه اسم وليس لقب لملوك مصر.

وكذلك زوجة فرعون، فقد ورد في الأحاديث الصحاح والحسنة، أن اسمها: آسية، وهو مشتق من المواساة، واسم أبيها مزاحم، وهو مشتق من المزاحمة، وكلها أسماء عربيّة.

وأما هامان، فهو مشتق من الهيمنة، والألف والنون للمبالغة، وهو اسم عربي.

وقد ورد اسم هامان في النقوش المصرية، ووصف بأنه كان رئيس عمّال المحاجر. كما نصّ على ذلك رانكه في موسوعته، الأسماء في مصر القديمة.

ومما يجب التنبيه عليه، أن بعض الباحثين، زعم أن هامان لقب وليس اسما، وأن هامان لقب مركب من شقين: "ها" وتعني: النافذ، و "آمان" وتعني: آمون، أي: الإله آمون، أحد معبودات الشعوب المصرية القديمة. وبالتالي يكون اسم هامان، اسما مركبا، ومعناه: النافذ إلى الإله آمون.

قلت: وهذا هراء، وكلام فارغ، فإن ما ذهب إليه هذا الباحث، لا يدل من قريب ولا من بعيد، على علاقةٍ بين هامان حامل هذا الاسم، وبين رئاسة عمّال المحاجر، فما توصل إليه الباحث، من أن هامان إنما هو لقب للنافذ إلى الإله آمون، إنما يصلح أن يكون لقباً تشريفياُ لكاهن من كهنة آمون، الذين يقومون بالتكهُّن عند هذا الوثن، وليس لرئيس عمّال المحاجر. ثم إن اشتقاق اسم هامان، يدل على أنه اسم، وليس لقباً.

ونعود إلى الحديث عن أصل فرعون وقومه، فأقول: 

إن مما يزيد الأمر وضوحا، أن اسم بلادهم هي: مصر، وهو اسم عربي.

إذاً الراجح أن فرعون وقومه من العرب، ولكن من أي العرب؟

ذهب بعضهم إلى أنه من العماليق وهم الأكثر، وبعضهم زعم أنه من حِمْيَر، وهذا لا شك أنه من وضع قصاص حِمْيَر، بل إن الحِميريين، زعموا أن العماليق منهم نسباً، ليردوا نسب ملوك مصر إلى حمير، وهذا كله باطل، وبعضهم زعم أنه من لخم.

وقد يكون من عماليق، أو من لخم، أو قد يكون من جذام أو عاملة أو من أحد قبائل قضاعة أو الأزد، لأن هذه القبائل، من القبائل العربية السبّاقة إلى الهجرة خارج الجزيرة العربية، والاستقرار في العراق والشام وسيناء ومصر.

فأما عماليق، فإن رواة اليهود يذكرون في تاريخهم، أنهم زمن موسى وهارون ويوشع عليهم السلام، كانوا يقيمون في فلسطين، لذلك فالقول بأن فرعون وقومه من العماليق، هو أضعف الأقوال، فتبقّى أن يكونون من إحدى القبائل العربية التي ذكرناها آنفاً. 

خبر الحارث البكري "عن عاد"

عن الحارث البكري قال: رجت أشكو العلاء بن الحضرمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمررت بالربذة، فإذا عجوز من بني تميم منقطع بها، فقالت لي: يا عبد الله، إن لي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجة، فهل أنت مبلغي إليه؟ قال: فحملتها، فأتيت المدينة فإذا المسجد غاص بأهله، وإذا راية سوداء تخفق، وبلال متقلد السيف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ما شأن الناس؟ قالوا: يريد أن يبعث عمرو بن العاص وجها، قال: فجلست، قال: فدخل منزله - أو قال: رحله - فاستأذنت عليه، فأذن لي، فدخلت، فسلمت فقال: "هل كان بينكم وبين بني تميم شيء؟ " قال: فقلت: نعم، قال: وكانت لنا الدبرة عليهم، ومررت بعجوز من بني تميم منقطع بها، فسألتني أن أحملها إليك، وها هي بالباب فأذن لها فدخلت، فقلت: يا رسول الله، إن رأيت أن تجعل بيننا وبين بني تميم حاجزا، فاجعل الدهناء، فحميت العجوز، واستوفزت، قالت: يا رسول الله، فإلى أين تضطر مضرك؟ قال: قلت: إنما مثلي، ما قال الأول: معزاة حملت حتفها، حملت هذه، ولا أشعر أنها كانت لي خصما أعوذ بالله، ورسوله أن أكون كوافد عاد قال: " هيه، وما وافد عاد؟ " وهو أعلم بالحديث منه، ولكن يستطعمه، قلت: إن عادا قحطوا فبعثوا وافدا لهم، يقال له: قيل، فمر بمعاوية بن بكر، فأقام عنده شهرا يسقيه الخمر، وتغنيه جاريتان يقال لهما: الجرادتان، فلما مضى الشهر خرج جبال تهامة، فنادى: اللهم إنك تعلم أني لم أجئ إلى مريض فأداويه، ولا إلى أسير فأفاديه، اللهم اسق عادا ما كنت مسقيه، فمرت به سحابات سود فنودي منها: اختر، فأومأ إلى سحابة منها سوداء، فنودي منها: خذها رمادا رمددا ولا تبق من عاد أحدا، قال: فما بلغني أنه بعث عليهم من الريح، إلا قدر ما يجري في خاتمي هذا، حتى هلكوا، قال أبو وائل: وصدق قال: " فكانت المرأة والرجل إذا بعثوا وافدا لهم، قالوا: لا تكن كوافد عاد ".

رواه أحمد.

قلت: وهذا المتن أصحّ متن لهذا الخبر.

وهذا الخبر الذي رواه الحارث البكري عن قبيلة عاد، هو مما كانت العرب ترويه في أخبار عاد، وما أوقعه الله تتبارك وتعالى بهم، والقصَّاص كما اسلفت، قد يهمون ويخطؤون في نقل الخبر، ويخلطون في الخبر، فيزيدون أو ينقصون.

فمما وهموا فيه وأخطؤوا وزادوه في خبر عاد، هو قولهم، أن عاد قحطوا، وقولهم: أن الله بعث عليهم ريحاً حارّة، وقال: خذوها راداً رمددا، أي: حارّة، شديدة الحرارة، تجعل كل شيء تمر عليه رماداً. وهذا خطأ، فالله تعالى وصف الريح التي بعثها على عاد، بأنها ريح صرصر، أي: ريحٌ باردة، شديدة البرودة، يُسمَع لها صرير من شِدَّة برودتها.

ومما زادوه في هذا الخبر، وخلطوا فيه، أن عاداً لما قحطوا، بعثوا وافدهم إلى جبال تهامة، يريدون بذلك أنهم بعثوه إلى الحرم، ليستغيث لهم هناك، يبتغون البركة، وأنه مرّ على معاوية بن بكر بن هوازن وأقام عنده شهراً .. إلى أخر الحديث. وهذا الخبر يفيد أن ما وقع لعاد، وقع بعد إسماعيل عليه السلام، وهذا فيه نظر، فإن الله تعالى دائماً ما يذكر عاداً وثمود، قبل إبراهيم وقومه، في إشارة واضحة إلى أن عاد وثمود كانوا قبل إبراهيم وقومه، ولذلك يستحيل أن يلتقي أحد أفرادهم بمعاوية بن بكر، بل يستحيل أن يلتقي بإبراهيم وابن إسماعيل، الذي يعتبر معاوية بن بكر، أحد ذريَّته البعيدين.

لذلك فخبر الحارث البكري، صحيح، ولكن ما رواه عن قبيلة عاد، ليس إلا من صنع الرواة، وأوهامهم وأخطائهم، وتخليطاتهم.

وقد روي هذا الخبر، باختلاف يسير، كقوله: "فانطلق حتى أتى على جبال مهرة" ويظهر أن هذا الراوي، استبدل جبال تهامة، بجبال مهرة، تأثراً بالدعاية التي تقول: بأن عاد كانوا يسكنون بجبال مهرة، بالشحر. 

والحارث البكري، مختلف في اسمه، فقيل: هو الحارث بن حسان البكري، من بكر بن وائل، وقيل: هو الحارث بن يزيد، والله أعلم بالصواب.

كيف نشأت اللغات

أدعى قصاص اليهود في كتبهم، أن نوحاً عليه السلام بعد الطوفان، انتقل من الموضع الذي استقرت فيه سفينته إلى العراق، حيث كان أوّل من أسّس مدينة بابل، وأن المدينة سمّيت بابل، لأن نوحاً أصبح ذات يوم وقد تبلبلت ألسنة المؤمنين، كل يتكلم بلغة لا يفهمها الأخر، بينما علّم الله نوحاً جميع اللغات، فكان نوح يترجم بينهم!

وهذه القصّة موضوعة، إنما أراد بها واضعها، أن يعلّل سبب تسمية بابل بهذا الاسم، فاختلق هذه القصة! وأوجد تعليلاً لا يقل سخفاً لتنوع اللهجات واللغات.

والحقيقة أن الأنبياء، لا يختارون إلا ما اختاره الله لهم، وبما أن الله تعالى أرسى السفينة على جبل الجودي - بنص القرآن الكريم - فما كان نوح عليه السلام، ليستبدل تلك الأرض التي اختارها الله له بأرض أخرى.

قال تعالى: ﴿وَقُل رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلًا مُّبَارَكًا وَأَنتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ﴾ [المؤمنون]

فلما دعا نوح بتلك الدعوات التي أمره الله بها، أنزله بسفح جبل الجودي، دلّ هذا على أن ذلك الموضع، هو المنزل المبارك الذي اختاره الله لنوح، فكيف سوف يستبدل نوح تلك الأرض بغيرها!

فتبيّن بذلك، أن دعوى أن نوحاً انتقل إلى العراق وأسّس بها مدينة بابل، كذب محضّ، وهو من وضع القصاص.

فكيف نشأت اللغات إذاً؟

الجواب: أن اللغات تنشأ تدريجياً، بحيث أنه يظهر في الشعب من يخفف نطق حرف ينطقه أبناء شعبه ثقيلاً، أو يثقل نطق حرف ينطقه أبناء شعبه خفيفاً، هذا الحرف مع مرور الوقت يتحول إلى لفظ حرف أخر: مثل الذال والضاء أو الدال والطاء، أي حرفين متقاربين في المخرج يستبدل به، فيتغير في الكلمة حرف، ثم يتغير حرف أخر في جيل أخر، وهكذا كل زمن يتغير حرف حتى تستحيل الكلمة إلى كلمة أخرى، ومع تعدد تغير الكلمات تتغير الجمل والعبارات، فتنشأ لغة أخرى، وينشأ شعب يتكلم بلغة لا يتكلم بها الشعب الأم، ومع تعدد نشوء اللغات تنشأ شعوب لا يتكلم بعضها بلغة بعض.

فقوم نوح كثروا وتفرقوا، وكل طائفة أخذت تغير في نطق أحرف كلماتها، والسبب في ذلك، يعود إلى الطبيعة التي يعيش فيها البشر، وإلى نوع الغذاء الذي يتناولونه، مما يحدث تغييراً في أصواتهم، وطريقة نطقهم للحروف، ترقيقاً أو تفخيماً، وجيلاً بعد جيلاً إذ بنا نجد عدة شعوب بعضها لا يتكلم بلسان بعض، وهذه التغيرات لا تحدث في يوم وليلة ولا في أسبوع ولا في شهر ولا في سنة ولا في عشرات السنين بل تحدث في مئات السنين.

وبعد أن كثرت اللغات واحتكت الشعوب بعضها ببعض صار تغير ونشوء لغات جديدة أسهل منه من ذي قبل، لأن عوامل تغير اللغات ونشأتها ازداد باحتكاك الشعوب المختلفة في لغاتها ببعض، فيأخذون من الشعوب الأخرى تفخيم حرف أو تخفيفه، ويقتبسون من كلماتهم، وينطقون الكلمات التي استعاروها من الشعوب الأخرى بطريقتهم في نطق الأحرف، تخفيفا وتفخيما، فتتولد كلمة مشابهة لكلمة الشعب المجاور، مع بعض التغيرات، ومع مرور الزمن تتحول إلى كلمة أخرى، وهكذا.

وأما ما روي من أن الله سبحانه علَّم آدم أسماء جميع المخلوقات بجميع اللغات: العربية والفارسية والسريانية والعبرية والرومية، وغير ذلك من سائر اللغات، فكان آدم وولده يتكلمون بها، ثم إن ولده تفرقوا في الدنيا، وعلق كل منهم بلغة من تلك اللغات، فغلبت عليه واضمحل عنه ما سواها، لبعد عهدهم بها.

فهذه من أوضاع القصّاص، وتأليفاتهم، إذ لو سلَّمنا بصحة ذلك، وهو ليس بصحيح، فإن الله تعالى زمن نوح عليه السلام، أهلك جميع بني آدم، فلم يبقى سوى نوح والمؤمنون من قومه، وهم على لغة واحدة، فلا فائدة عندئذٍ من تعليم آدم عليه السلام جميع اللغات.

والصواب أن اللغات إنما نشأت بعد طوفان نوح عليه السلام، وليس قبله، على ما ذكرت آنفاً. 

والله أعلم وأحكم.


لسان الأنبياء

 اعلم أن لسان الأنبياء من لدن آدم عليه السلام إلى إبراهيم عليه السلام، وألْسُن بنيه، إلى يوشع بن نون عليه السلام، هو اللسان العربيّ.

وعلى هذا دليلان:

الأول: أن جميع أسماء الأنبياء عربيّة، منه ما جاء به مصرّحاً باشتقاقه العربي في تواريخ اليهود، ومنهم من دلّت اللغة العربيَّة، على أنه اسم عربي، من لفظه واشتقاقه.

والثاني: ما نصت عليه الآيات والأحاديث. فقد نصَّت الآيات بأن موسى عليه السلام، كان يخاطب الفتاتين من مدين، دون أن يكون بينهما ترجمان. ونصَّ الحديث الصحيح الذي رواه عبدالله بن عباس في خبر إسماعيل وأمّه، أن إبراهيم عليه السلام، كان يتحدث إلى زوجتي إسماعيل عليه السلام، وإلى ابنه إسماعيل، دون أن يكون بينهم تُرجمان، وهذا إن دلّ، فإنما يدلّ على أن ألسنهم جميعاً واحدة، وإن وقع اختلاف، فهو اختلاف يسير، كما يقع اليوم بين مختلف القبائل العربية.

ومع كون رواة اليهود، مقرين بأن أسماء أنبيائهم عربيّة، إلا أنه لا يزال هناك من يزعم أن أسماء الأنبياء ليست عربيّة، بل ويؤكّد على أنه لا ينبغي أن يبحث لها عن اشتقاقات في اللغة العربيّة!

ويحتج على ذلك بما قاله عبدالله بن عباس في خبر هاجر وابنها إسماعيل، من أن إسماعيل، تعلّم العربيّة من جرهم، وهذا خطأ من ابن عباس، وقد بيّنت وجه خطئه في ذلك، في مولد إسماعيل عليه السلام.

ويحتج على ذلك أيضا، بما روي عن أبي ذر الغفاري، أنه قال: قلتُ: يا رسولَ الله ِكم الأنبياءُ؟ قال: مائةُ ألفٍ وأربعةٌ وعشرون ألفًا. قلتُ: يا رسولَ اللهِ كم الرسلُ منهم؟ قال: ثلاثُمائةٌ وثلاثةَ عشرَ جمًّا غفيرًا. قلتُ: يا رسولَ اللهِ من كان أولُهم؟ قال: آدمُ. قلتُ: يا رسولَ اللهِ نبيٌّ مُرسَلٌ؟ قال: نعم، خلقه اللهُ بيده ونفخ فيه من رُوحِه ثم سوّاه قبلًا. ثم قال: يا أبا ذرٍّ، أربعةٌ سِريانيون، آدمُ وشيثُ ونوحٌ وخنوخٌ وهو إدريسٌ وهو أولُ من خطَّ بالقلمِ وأربعةٌ من العربِ هودُ وصالحٌ وشعيبٌ ونبيُّك يا أبا ذرٍّ، وأولُ نبيٍّ من بني إسرائيلَ موسى وآخرُهم عيسى، وأولُ النبيِّينَ آدمُ وآخرُهم نبيُّكَ.

روا الطبري.

وهذا حديث موضوع، فلا يحتج به.

ويحتج على ذلك أيضا، بأن أسماء أبناء إبراهيم من قطورة، وأسماء أبناء يعقوب غير يوسف، كلها ليست عربيّة، بل هي أعجمية.

والحقيقة أن ما ورد من أسماء لأبناء إبراهيم من قطورة، وأسماء أبناء يعقوب غير يوسف، إنما هي محرّفة عن أصلها العربيّ، فعندما استعجمت ألسنة ذريّة بني إسحاق، بفعل اختلاطهم بالأمم الأعجمية، أصبحوا يلفظون أسماء أبناء يعقوب بطريقة خاطئة.

والدليل على ذلك، أنهم ينطقون اسم نوح: نوخ، و: نخّ، وينطقون اسم إبراهيم: أفراهام، وينطقون اسم إسحاق: إزخاق، وأيزك، وينطقون اسم يعقوب: ياكوف، وجيكوف، وموسى ينطقونه: موشى، ويوشع ينطقونه: هوشع، ودواد، ينطقونه: ديفد، ودافيد، وسليمان، ينطقونه: سولومون، وسولومان، والياس، ينطقونه: إيليا، واليسع، ينطقونه: اليشع، ويونس، ينطقونه: يونان، ومتّى، ينطقونه: متّاي، وعزير، ينطقونه: ايزرا، وأيوب، ينطقونه: جوب، ويوب، ولولا أن هذه الأسماء وردت بالنصّ في القرآن الكريم والسنة النبويّة المطهّرة، لكنا اليوم نقرأها في الترجمة العربية للتوراة والإنجيل بألفاظها التي اصطلح عليها مستعجمة أهل الكتاب.

وإنما عُدِّل لفظها في العربيّة لأن المترجمون يعلمون أن اللفظ الصحيح للاسم موجود في القرآن، فلما لم يجدوا أسماء أبناء يعقوب في القرآن، كتبوها كما يلفظها مستعجمة بني إسرائيل.

فتبيّ من خِلال ما سبق، أن حججهم كلّها باطلة، بينما صرّحت الأدلة بأن أسماء الأنبياء عربيّة.

والذي أقطع به، أن العربية هي لسان الأنبياء من لدن آدم عليه السلام، إلى يوشع بن نون عليه السلام، لأنه ثبت أن موسى كان عربياً، فهو من ناحية يعيش في بيئة عربية، فقد اثبت سابقاً أن فرعون وقومه عرب، ثم قدرة موسى على التحدث مع الفتاتين من مدين بلا ترجمان، إذا موسى قطعا رجل عربي اللسان، وبالتالي، فإن قومه من بني إسرائيل كانوا عرباً، وبالتالي ليس ليوشع بن نون لسان سوى لسان قومه، وهي العربيّة. 

وأما من جاء بعد يوشع بن نون من بني إسرائيل، إلى زمن عيسى عليه السلام، فلغتهم قد لا تكون عربية، لأن اللسان العبري، استعجم فيما بعد، ولكن لا نعرف على وجه الدقة متى استعجم لسان بني إسرائيل، ولكنهم ظلّوا يحتفظون بكثير من جذور لغتهم العربيّة السابقة، لذلك نجد، أنه حتى الأنبياء الذين جاءوا بعد يوشع، أسماء أكثرهم، إن لم يكونوا كلّهم، عربية، ولها اشتقاق في العربيّة.

والله أعلم وأحكم.